مقدمة :

تعرف الصحة النفسية بأنها حالة دائمة نسبياً ، يكون فيها الفرد متوافقاً نفسياً (شخصياً وانفعالياً واجتماعياً) مع نفسه وبيئته ، ويشعر فيها بالسعادة مع من حوله ، مع قدرته على تحقيق ذاته وطموحاته .

والصحة النفسية حالة إيجابية ، تتضمن التمتع بصحة العقل والجسم معاً .

الأمن النفسي وإشباع الحاجات في الإسلام :

كيف يحقق الإسلام للإنسان الفرد إشباع حاجاته النفسية ، وخاصة المؤمن ؟

الإسلام منذ أربعة عشر قرناً ، نبه إلى أهمية الحاجات النفسية للإنسان . فالرسول صلى الله عليه وسلم وضح لنا أهمية الحاجات الإنسانية إلى الحب والأمن الجسمي والروحي والاقتصادي ، حيث يقول صلى الله عليه وسلم : (من بات آمناً في سربه ، معافاً في بدنه ، عنده قوت يومه ، فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها) .

ويربط الإسلام بين الأمن النفسي وبين الالتزام بالعقيدة الإسلامية ، فالإسلام يخلص المؤمن من عقدة الخوف من المستقبل ، لأن المستقبل غيب بيد الله وحده ، قال تعالى : (وَلِلّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) .

كما يخلص الإسلام المؤمن من عقدة الخوف من الموت ، حيث إن لكل أجل كتاب ، ولن يؤخر الله نفساً إذا جاء أجلها .

كما أن المؤمن يتحرر من عقدة الخوف على الرزق ، فهو يؤمن أن الرزق مقسوم من عند الله ، قال تعالى : (وَفِي السَّمَاء رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ) .

وحتى تتحقق للمؤمن حاجاته النفسية ، عليه بمتطلبات الإيمان الحق ، وعنده سيجد راحته النفسية في الصلاة لأنها تنهى عن الفحشاء والمنكر ، وسيجد راحته النفسية في تقوى الله وخشيته ، وعند ذلك سيشعر بالأمن والرضا والطمأنينة .

من أهم الحاجات النفسية التي ركز عليها علم النفس المعاصر ، وعمل الإسلام على تحقيقها بين أبناء الأمة الإسلامية ما يلي :

1- الحاجة إلى الحب (الانتماء) : وهي من الحاجات النفسية التي تستمر مع الإنسان منذ طفولته ، ومن يفقد الحب ولا يشبع هذه الحاجة فسيتعرض إلى اختلالات نفسية في الكبر .

2- الحاجة إلى الأمن : فالطفل يشعر بالأمان إلى جوار والديه ، ثم يشعر بعد ذلك بالأمن داخل الجماعة ، وتحقيق الاستقرار الجسمي والروحي والاقتصادي ، والمؤمن يتحقق له ذلك في إيمانه وتوكله على الله .

3- الحاجة إلى النجاح : فالنجاح هدف للفرد منذ طفولته حتى نهاية الأجل .

4- الحاجة إلى الحرية : وتتمثل هذه الحاجة في حاجة الفرد إلى الاستقلالية في سلوكه وتصرفاته ، وفي إطار الشريعة وتنفيذ أوامر الله .

5- الحاجة إلى التقدير : وتشير هذه الحاجة إلى أن الفرد يحتاج إلى أن يكون موضوع تقدير الجماعة المحيطة به ، وأن يكون مرغوباً به اجتماعياً .

6- الحاجة إلى التعبير عن الذات : الإنسان يسعى دائماً إلى أن يعبر عن نفسه ويكون له صوت مسموع .

7- الحاجة إلى الانتماء (التآلف مع الجماعة) : الإنسان بطبيعته اجتماعي ، ويحتاج دائماً إلى الانتماء إلى جماعات اجتماعية ، ويشعر أنه جزء لا يتجزأ منها .