my self

قال العربي لخادمه:
– أعط هذا الأعرابي الذي أكرمنا كل ما معك من مال.
– قال خادمه:
– ما معي كثير، وهو يرضيه القليل. ثم هو لا يعرفك!!
– قال السيد العربي: “إن كام لا يرضيه إلا القليل فأنا لا يرضيني إلا الكثير، وإن كان لا يعرفني، فأنا أعرف نفسي”.
هذه القصة تعني أن من وسائل النبل ألا يضل الإنسان عن نفسه حتى بو كان غريباً لا يعرفه أحد. فمهما كان غريباً في نظر الآخرين فهو ليس غريباً عن نفسه. لا تختفي عن نفسك.
كن نفسك، فمهما كانت الخسارة التي يتكبدها الإنسان، فمن لم يخسر نفسه لم يخسر شيئاً.
قصة أخرى، هي قصة طرفة بن العبد الذي حمل رسالة لا يدري ما بها، وكان بها الأمر بقتله، فأمر به فوضع في السجن تمهيداً لقتله في الصباح، وفي الليل فتح له بعض من يحبونه باب السجن ليهرب، لكنه يرفض، ويقول قولته الشهيرة: أتريدون أن يقال هرب طرفة بن العبد؟؟! كأن الهرب الذي يؤدي به إلى الحياة عارٌ في نظره، لكننا نكتشف الآن أنه لم يمت، وأنه عاش حتى وقتنا هذا بموقفه ذاك وكم من هارب لم نسمع به. وهذا الموقف فعله سقراط، فتح له أعوانه باب السجن ليهرب فأبى، وقال أموت لتبقى كلمتي. آثر أن يموت لتبقى كلماته، والكلمات أخلد أثراً من الجسد.
فكن نفسك إذن، ولو كنت غريباً، ولو كان المتلقى لا يستحق. يقول المثل الهندي: “الرجل الفاضل ينبغي له أن يتمثل بشجرة الصندل التي عندما تُقطع تعطر بأريجها الفأس التي تقطعها”.
كن طاقة خير وعطاء، تعطي لا تأخذ، فاليد العليا خيرٌ من اليد السفلي.
لو كل إنسان قبل أن يفكر في حقه عند الآخرين فكر أولاً في حق الأخرين عنده، وقتها لا يضل الإنسان عن نفسه أبداً.

د. صلاح شفيع