31 مايو, 2021قانون “خرطوم الفيل”
حاضر .. سأجلب لكم ما تريدون.
حسناً .. سأشترى كل ما ترغبون.
ليس معي نقود الآن!! تريدون مني أن اقترض المال مرة أخرى حتى تقضون الصيف في ذلك المكان.
هل سبق وأن شاهدت -في البرامج الوثائقية- حياة الفيلة الأفريقية وهي تعيش في مواطنها الأصلية؟!
لربما لاحظت كيف تستعمل الفيلة خراطيمها بشكل كبير في جميع شؤونها، حيث يقوم الأبوان باستعمال الخراطيم بشكل مدهش عند التعامل مع أطفالهم، فمرة يكون الخرطوم مرشَّ مياه لصغارها، أو لنثر التراب على أجسادها، ومرة يكون بوق إنذار وتوجيه لأطفالها أو حبل متين يمنع أطفالها من الذهاب لمكان آخر والحياد عن الطريق.
من المدهش أن تعلم أن الفيلة تكون خراطيمها في غاية اللطف والخفة عند معانقتها لأطفالها، وفي منتهى القوة حيث بإمكانها حمل جذع شجرة تزن 250 كيلوغرام عندما تعترض طريقها، ويصعب تخيل وجود شيء في الطبيعة يحاكي الخرطوم بالقوة واللطف وتنوع الاستعمال.
ليت حبُّنا لأطفالنا يكون يمثل مزايا خراطيم الفيلة من حيث: الحزم والمرونة، والمتانة والحنان، والانضباط والعقلانية، والصلابة والحنو.
إن الحب دون انضباط يمكن أن يكون خطراً ومؤذياً، فعندما نمكِّن أطفالنا من الحصول على أشياء كثيرة لم تكن لديهم، فإننا نفسد أطفالنا ونحرمهم من انطلاقتهم الذاتية، ونقدم لهم منظوراً مزيفاً عن العالم الذي سيعيشون فيه. تخيل اسرة يستطيع أطفالها الحصول على كل ما يريدون ويفوق حاجتهم دون وجود أي مسؤولية أو التزام، عندئذٍ لا يصبح صعباً التنبؤ بالمشكلات التي سيقعون فيها.
ومن جهة أخرى، فإن الحب الأبوي “الخشن” والصارم من خلال فرض القواعد الصارمة المفرطة، يمكن أن ينتزعا الفرح والعطف من العلاقة الأسرية.
إن قانون “خرطوم الفيل” هو التوازن الدقيق بين “الحب الرقيق” و”الحب المتطلب” بتطبيق أفضل الجوانب الموجودة في كلا الطرفين. ويمكن تلخيص ذلك فيما يلي:
- مثل خرطوم الفيل، يحتاج حبُّنا لأولادنا أن نلمسهم بحنان ونعانقهم كل يوم.
- مثل خرطوم الفيل، يجب أن يضع حبُّنا حدوداً واضحة للمدى الذي يستطيعون الوصول إليه والذي يستطيعون فعله.
- مثل خرطوم الفيل، يجب أن يغدق حبُّنا عليهم الاستحسان ويغمرهم بالثقة، وينبغي أن يحذرهم بصوت واضح من الأخطار المحدقة بهم.
- مثل خرطوم الفيل، ينبغي أن يزيح حبُّنا الحواجز التي تعترض طريقهم ويمكنهم من قطع المسار بقواهم الذاتية.
- مثل خرطوم الفيل، ينبغي أن يكون حبُّنا مرناً ومتعدد الأوجه ومراعياً لحاجات الأطفال، وأن يكون مستعداً في بعض الأحيان ليعمل بحزم وأحياناً أخرى بحنان.
بتصرف من كتاب (بناء شخصية الأطفال).